أرشيف المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 5 سبتمبر 2017

العلل النحوية عند الخليل بن أحمد



قال الخليل بن أحمد:
إن العرب نطقت على سجيتها وطباعها. وعرفت مواقع كلامها، وقام في عقولها علله، وإن لم ينقل ذكر عنها. واعتللت أنا بما عندي انه علة لما عللته منه، فإن أكن أصبت العلة فهو الذي التمستُ، وإن تكن هناك علة له، فمثلي في ذلك مثل رجل حكيم دخل دارا محكمة البناء، عجيبة النظم والأقسام، وقد صحت عنده حكمة بانيها، بالخبر الصادق أو بالبراهين الواضحة والحجج اللائحة، فكلما وقف هذا الرجل في الدار على شيء منها قال: إنما فعل هذا هكذا لعلة كذا وكذا، ولسبب كذا كذا سنحت له بباله محتملة لذلك، فجائز أن يكون الحكيم الباني للدار فعل ذلك للعلة التي ذكرها هذا الذي دخل الدار، وجائز أن يكون فعله لغير تلك العلة. إلا أن ذلك مما ذكره هذا الرجل محتمل أن يكون علة لذلك، فإن سنح لغيري علة لما عللته... هي أليق مما ذكرته بالمعلول فليأت بها.
من معجم الأدباء لياقوت الحموي 6/74

وقال أبو القاسم الزجاجي في (إيضاح علل النحو) :« ... وذكر بعض شيوخنا أن الخليل بن أحمد رحمه الله سئل عن العلل التي يعتل بها في النحو، فقيل له: عن العرب أخذتَها أم اخترعتها من نفسك؟ فقال:
إنَّ العربَ نطقت على سجيتها وطباعها، وعرَفتْ مواقعَ كلامها، وقام في عقولِها عِلَلُه، وإن لم ينقل ذلك عنها، واعتللتُ أنا بما عندي أنَّهُ عِلةٌ لما عللته منه، فإن أكن أصبتُ العلةَ فهو الذي التمستُ، وإن تكن هناك علةٌ غيرُ ما ذكرتُ فالذي ذكرتُه محتمل أن يكون علة، ومَثَلِي في ذلك مثل رجل حكيم دخل دارًا محكمةَ البناءِ عجيبةَ النظمِ والأقسام، وقد صحت عنده حكمةُ بانيها بالخبر الصادق أو بالبراهين الواضحة والحجج اللائحة، فكلما وقفَ هذا الرجل في الدار على شيء منها قال: إنما فعل هذا هكذا لعلةِ كذا وكذا، ولسبب كذا وكذا، لِعِلَّةٍ سنحت له وخطرت بباله محتملة أن تكون علة لتلك، فجائز أن يكون الحكيم الباني للدار فعل ذلك للعلة التي ذكرها هذا الذي دخل الدار، وجائز أن يكون فعله لغير تلك العلة، إلا أن ما ذكره هذا الرجل محتمل أن يكون علة لذلك، فإن سنحَتْ لغيري علةٌ لما علَّلْتُه من النحو هي أليقُ مما ذكرتُه بالمعلول فليأتِ بها ».
قال الزجاجي معلقا:« وهذا كلام مستقيم وإنصاف من الخليل رحمة الله عليه ».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق