1 - ألا عِمْ صَبَاحًا أيُّهَا الطَّلَلُ البَالي ... وَهل يَعِمَنْ مَن كان في العُصُرِ الخالي؟!
2 - وَهَل يَعِمَنْ إلا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ ... قَلِيلُ الهُمومِ ما يَبيتُ بأوْجَالِ؟
3 - وَهَل يَعِمَنْ مَن كان أحدثُ عَهدِه ... ثَلاثِينَ شهرًا في ثَلاثَة ِ أحوَالِ؟
4 - دِيارٌ لسَلمَى عَافِيَاتٌ بذِي خَالِ ... ألَحّ عَلَيها كُلُّ أسْحَمَ هَطّالِ
5 - وَتحسِبُ سَلمَى لا تَزَالُ تَرى طَلًا ... من الوَحشِ أوْ بَيْضًا بمَيثاءَ مِحْلالِ
6 - وتحسِبُ سَلمَى لا تزالُ كَعَهْدِنَا ... بوَادي الخُزَامى أوْ على رَسّ أوْعالِ
7 - لَيَاليَ سَلَمى إذْ تُرِيكَ مُنْصَّبًا ... وَجِيدًا كَجِيدِ الرِّئمِ ليسَ بمِعطالِ
8 - ألا زَعَمَتْ بَسْبَاسَة ُ اليوْمَ أنّني ... كَبِرْتُ وَأَنْ لا يُحسِنُ اللهوَ أمثالي
9 - كذَبتِ لقد أُصْبي على المَرْءِ عِرْسَهُ ... وَأمْنَعُ عِرْسي أنْ يُزَنّ بها الخَالي
10 - وَيَا رُبّ يَوْمٍ قَد لهَوْتُ وَلَيْلَة ٍ ... بِآنِسَةٍ كَأنّهَا خَطُّ تِمْثَالِ
11 - يُضيءُ الفِرَاشَ وَجْهُهَا لِضَجِيعها ... كمِصْباحِ زَيْتٍ في قَناديلِ ذُبّالِ
12 - كَأنَّ على لَبّاتها جَمْرَ مُصْطَلٍ ... أصَابَ غضًا جَزْلًا وكُفَّ بأجزَالِ
13 - وَهَبّتْ لهُ رِيحٌ بمُخْتَلِفِ الصُّوَى ... صَبًا وَشَمالٌ في مَنَازِلِ قُفّالِ
14 - ومِثْلُكِ بَيضاءِ العوارِضِ طَفْلة ٍ ... لعوبٍ تُنَسِّيني، إذا قُمتُ، سِربالي
15 - كحِقْفِ النَّقَا يَمشِي الوَليدَانِ فوْقَه ... بما احتَسَبا من لِينِ مَسٍّ وَتَسهالِ
16 - لَطِيفَةِ طَيّ الكَشْح غيرِ مُفَاضَة ٍ ... إذَا انْفَتَلَتْ مُرْتَجَّةٍ غَيرِ مِتفالِ
17 - إذَا مَا الضّجِيعُ ابْتَزّهَا من ثِيابها ... تَمِيلُ عَلَيهِ هُونَة ً غَيرَ مِجْبالِ
18 - تَنَوّرْتُهَا مِنْ أذْرِعَاتٍ وَأهْلُهَا ... بيَثْرِبَ أدْنى دَارِهَا نَظَرٌ عَالِ
19 - نَظَرْتُ إلَيْهَا وَالنّجُومُ كَأنّهَا ... مَصَابِيحُ رُهْبَانٍ تُشَبُّ لِقُفَّالِ
20 - سَمَوْتُ إلَيها بَعدَما نَامَ أهْلُهَا ... سُمُوَّ حَبَابِ المَاءِ حَالًا على حَالِ
21 - فَقَالَتْ: سَبَاكَ اللهُ إنّكَ فَاضِحِي .. ألَسْتَ تَرى السُّمّارَ وَالنّاسَ أحوالي
22 - فَقُلْتُ: يَمِينَ اللهِ أبْرَحُ قَاعِدًا ... وَلَوْ قطّعوا رأسِي لدَيكِ وأوْصَالي
23 - حَلَفْتُ لها بِاللهِ حَلْفَةَ فَاجِرٍ ... لَناموا فما إنْ من حديثٍ وَلا صَالِ
24 - فَلَمّا تَنَازَعَنا الحَديثَ وَأسْمَحَتْ ... هَصَرْتُ بغُصْنٍ ذي شَمارِيخَ ميّالِ
25 - وَصِرْنا إلى الحُسنى وَرَقّ كَلامُنَا ... وَرُضْتُ فذلّتُ صَعبَةً أيَّ إذْلالِ
26 - فَأصْبَحتُ مَعشوقًا وَأصْبَحَ بَعلُهَا ... عَلَيهِ القَتَامُ سَيّئَ الظنّ وَالبالِ
27 - يَغِطُّ غَطِيطَ البَكْرِ شُدّ خِنَاقُهُ ... لِيَقْتُلَني وَالمَرْءُ لَيسَ بقَتّالِ
28 - أيَقْتُلُني وَالمَشْرَفيُّ مُضَاجِعِي ... وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كأنْيابِ أغوَالِ
29 - وَلَيسَ بذِي رُمحٍ فيَطعَنَني بِهِ ... وَلَيسَ بذِي سَيْفٍ وَليسَ بنَبّالِ
30 - أيَقْتُلُني وقد شَغَفْتُ فُؤادَهَا ... كما شَغَفَ المَهنوءةَ الرّجُلُ الطّالي
31 - وَقد عَلِمَتْ سَلمى وَإنْ كانَ بَعلَها ... بأنّ الفَتى يَهْذِي وَلَيسَ بفَعّال
32 - وَمَاذا عَلَيْهِ أن ذَكَرْتُ أوَانِسًا ... كغِزْلانِ رَمْلٍ في مَحارِيبِ أقْيَالِ
33 - وَبَيْتِ عَذَارَى يَوْمَ دَجْنٍ وَلَجْتُهُ ... يُطِفْنَ بِجمَّاءِ المَرَافِقِ مِكْسالِ
34 - سِبَاطِ البَنَانِ وَالعَرَانِينِ وَالقَنَا ... لِطَافِ الخُصُورِ في تَمَامٍ وَإكمَالِ
35 - نَوَاعِمَ يُتبِعنَ الهَوَى سُبُلَ الرَّدى ... يَقُلنَ لأهلِ الحِلمِ ضُلًّا بتَضْلالِ
36 - صرَفتُ الهَوى عنهنّ من خَشيةِ الرَّدى .. وَلَستُ بمَقْليّ الخِلالِ وَلا قَالِ
37 - كَأنيَ لَمْ أرْكَبْ جَوَاداً لِلَذّةٍ ... ولَم ْأتَبَطّنْ كاعِباً ذاتَ خَلخالِ
38 - وَلمْ أسْبَأ الزِّقَّ الرَّوِيَّ وَلمْ أقُلْ ... لخَيْليَ: كُرّي كَرّةً بَعْدَ إجْفَالِ
39 - وَلمْ أشْهَدِ الخَيلَ المُغيَرةَ بالضُّحى ... على هَيكَلٍ نهد الجُزَارَةِ جوّالِ
40 - سليمِ الشَّظَى عبْلِ الشُّوَى شَنِجِ النَّسا .. لَهُ حَجَباتٌ مُشرِفاتٌ على الفَاليْ
41 - وَصُمٌّ صِلابٌ مَا يَقِينَ مِنَ الوَجَى ... كأنّ مكانَ الرِّدْفِ مِنهُ على رَالِ
42 - وَقَدْ أغْتَدِي وَالطّيرُ في وُكُنَاتِهَا ... لِغَيْثٍ مِنَ الوَسْميّ رَائِدُهُ خَالِ
43 - تحَامَاهُ أطرَافُ الرّمَاحِ تَحَامِياً ... وَجَادَ عَلَيْهِ كلُّ أسحَمَ هَطّالِ
44 - بعِجْلِزَةٍ قد أتْرَزَ الجَرْيُ لَحْمَهَا ... كُمَيتٍ كَأنّهَا هِرَاوَةُ مِنْوَالِ
45 - ذَعَرْتُ بهَا سِرْباً نَقِيّاً جُلُودُهُ ... وَأكرُعُهُ وَشْيُ البُرُودِ من الخَالِ
46 - كأنّ الصُّوَارَ إذْ تجَهّدَ عَدْوُهُ ... على جَمَزَى خَيلٌ تَجولُ بأجْلالِ
47 - فَجَالَ الصُّوَارُ وَاتّقَينَ بِقَرْهَبٍ ... طوِيلِ القَرَا والرَّوْقِ أخنسَ ذَيّالِ
48 - فَعَادَى عِدَاءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعْجَةٍ ... وَكانَ عِدَاءُ الوَحشِ مني على بالِ
49 - كأني بِفَتْخَاءِ الجَنَاحَينِ لِقْوَةٍ ... صَيُودٍ من العِقبانِ طأطأتُ شِملالي
50 - تَخَطَّفُ خِزّانَ الشَّرَبّةِ بِالضُّحَى ... وَقد حَجَرَتْ مِنها ثَعالِبُ أوْرَالِ
51 - كَأنّ قُلُوبَ الطّيرِ رَطْباً وَيَابِساً ... لدي وكْرِها العُنّابُ وَالحَشَفُ البالي
52 - فَلَوْ أنّ ما أسعَى لأدْنى مَعِيشَةٍ ... كَفاني، وَلمْ أطْلُبْ، قَلِيلٌ مِنَ المَالِ
53 - وَلَكِنّمَا أسْعَى لِمَجْدٍ مُؤثَّلٍ ... وَقد يُدرِكُ المَجدَ المُؤثّلَ أمثَالي
54 - وَما المَرْءُ ما دَامَتْ حُشاشةُ نَفْسِهِ ... بمُدْرِكِ أطْرَافِ الخُطُوبِ وَلا آلي